آخر الليل
بقلم / حسام جمال الدين
تقترب الليلة من منتصفها ، سكون تام فى شوارع قريتنا الوادعة ، لم تكن الحال هكذا من قبل ، على الأقل كنت حين تمضى فى الشارع تجد من تلقى عليه تحية المساء ،التقيت وأصدقائى على المقهى ، كانت تقترب من التاسعة والمقاهى شبه خاوية ، يبدو أن فترة كورونا كما تنبأ الجميع ستغير الدنيا ولن تعود كما كانت من قبل ثانية ، معظم الناس فقدوا ابتسامتهم ، حتى لقد فقدوا حس الفكاهة التى يشتهر بها المصريون ، تجالس أحدهم وما إن يبدأ الحديث حتى تجده ينحو إلى المادة والمال ويبدأ الجميع فى الشكوى
صار التجهم هو السائد على الوجوه ، حتى أنا توقفت عن الذهاب إلى المقهى كثيرا ، فلم تعد قدماى تقودنى إلى هناك حتى يتصل صديق للقاء ، كنت قبل ذلك أذهب وحدى جالسا أراقب تحركات الناس واحاديثهم وجدهم وهزلهم ، الآن لم يعد ذلك ممتعا ، فرواد المقاهى صاروا قلة ، ولم تعد تجد على الوجوه سوى حزن يسكن عيونهم ، ولكننا فى النهاية جزء من هذا العالم البائس وكلنا سندفع ثمن تلك الأزمة ، كل منا سيناله منها نصيب
الجميع يحاول قدر الإمكان أن يتعايش مع الظروف المستجدة على الحياة ولكن الأمر أحيانا يفوق القدرة على الاحتمال ، فمعظم من أعرفهم ليسوا أصحاب أعمال ثابتة ومن هنا فإن أى تغير يكونون هم أول الضحايا ، وأنا والطائفة التى أنتمى إليها طائفة المعلمين هؤلاء عاما بعد عام تضيق عليهم الفرص ولا أحد يهتم ، بل الجميع حتى لا يشعروا بالذنب يرمون المعلمين بحمم غضبهم ويلقون عليهم كل مسئولية فى ضبابية الصورة التى نحياها كمصريين فى شأن التعليم الذى هو الشأن الأهم للبيوت المصرية البسيطة التى لا تملك لأبنائها سوى حرص على تعليمهم وأنا ومن مثلى نتلقى الضربات فى صمت يصل إلى حد العجز ، فليس بأيدينا ما نفعل سوى الانتظار
وللحديث بقية إن كان فى العمر بقية