الساحرة المستديرة وألف ليلة وليلة
أسماء خليل تكتب
كان ياما كان، في حديث العصر والأوان، يُحكي أن زوجة شابة، استيقظَتْ كعادتها كل صباح.. بدأت تفرك عينيها وابتسامتها العريضة تملأ وجهها؛ لبزوغ آشعة الشمس الساطعة التي تُنير الكون.. نظرت لزوجها في كل سرور قائلة : صباح الخيرات، فنظر إليها بوجهٍ عابس واجم ويكاد الشرر يتطاير من عينيه ولم ينبس بكلمة واحدة.. تعجبتْ كثيرًا وتلاشي جزءٌ من ابتسامها، ثم اتصلَتْ بأخيها، فرد عليها بصوتٍ خافت وكأنه لا يريد أن يحادث أحدًا،،
لم تطمئن الزوجة لمطلع ذلك النهار، فراحت تمارس يومها الطبيعي، ثم بعد قليل هرعت على صوت بعض المارة يتشاجرون، وبعدها رأت باعة الحانة التي أمام بيتها أيضًا شاحبوا الوجه وكأنهم لم يأخذوا قسطًا من الراحة ليلة البارحة،،
إنها مندهشة جدا مما يحدث !!
أكملت أعمال منزلها، ثم قررت أن تذهب لشراء بعض الحاجيات.. خرجت إلى الشارع مع ملاحظة ذلك الشئ الذي جعل أكثر الناس متغيروا الوجوه، استقلَّت وسيلة مواصلات.. بدأت تبتاع ما تريد وهي سعيدة، وما إن انتهت وبدأت في العودة؛ حتي لاحظت أن أكثر المحال تُغلق أبوابها؛ رغم أن الليل مالبث في الظهور..توقفت لتستقل وسيلة مواصلات كي تعود لدارها.. لكنها لم تجد أي مواصلة.. جلست في ركنٍ واضعة يدها على خدها؛ أغمضت عينيها لوهلة، وفجأةً ظهر أمامها شئ عجيب وكأنها ساحرة.. ما هذا؟! إنّ نصفها أبيض والآخر أحمر وبيدها عصا سوداء، خافت المرأة، ثم قالت لها : من أنتِ ولماذا الناس هكذا ؟!
ردت عليها : واعجباه، ألم تعلمي من أكون !! إنَّني الساحرة المستديرة التي سحرت كل هؤلاء وجعلتهم هكذا، إن ما يسحرهم الآن هو ماتش ” الأهلي والزمالك”، ولن تجدين أي مواصلة؛ إلَّا إذا قبلتي أن أسحركِ مثلهم..
فردت عليها : ولماذا كل ذلك؟!
قالت الساحرة : حتى تنسى الهموم، فسرعان ما قالت الزوجة : أنسى الهموم !! هذا شئ جميل.. هيّا اسحريني..
فقالت لها : أتريدين سحرًا أحمرًا أم سحرًا أبيضًا ؟! قالت لها : أي شئ، الأهم أن أنسى الهموم..
حملتها الساحرة المستديرة وطارت بها إلى المنزل، ويبدو أن السحر قد طالها، فظلت طوال الطريق تردد ” فاول. جول. ضربة ركنية. رمية تماس. ضربة جزاء. كارت احمر. طرد…” وحينما وصلت إلى المنزل كان الماتش قد انتهى، ووجدت كل البيت حزينًا فحزنت هي الأخرى.. وحينما استيقظَتْ باليوم التالي، لم تجد ابتسامتها العريضة.. فقط حزنًا ساكنا قلبها لخسارة فريقها..
آهٍ.. لقد خدعتني الساحرة المستديرة، بأنني سأنسي همومي.. كل ما حدث هو زيادة في الأعباء النفسية.. حقًّا، إنها تسحر القلوب دون إرادة،،
إنَّ ما لا يريد أن يقرَّهُ أحد أبدًا، أن التعلق والتعصب لكرة القدم يزيد الهموم، فتُراهم مهمومون قبل وبعد الماتش بيومين، حتى أنهم يحزنون لفوز الفريق الآخر.. إنه فقط نسجٌ خيالي، ربما لتحقيق فوز دون عمل وبلا استحقاق يفتخر به المرء أمام خصمه !! إنَّني مع الملاحظة الدقيقة لهؤلاء أجدهم سيؤا المزاج، مُتعكِّروا الصفو.. لا سعداء ولا شئ..
يبدو أن الساحرة كانت أذكى من الجميع.. سحرتهم لغرضٍ ما لا يعلمه أحد؛ لتفعل هي ما تريد وتعيث في تلك الأرض المستديرة التي تحاكي كرويتها، دون أن يحاسبها أحد.