بريد قرَّاء مصر العظمى. ليس باستطاعتي التحمل أكثر
أسماء خليل
سيدتي أنا ” ن. و” أبلغ من العمر ثلاثين عامًا، متزوجة، ولي ابنة.. ذلك الرجل حسبته يومًا فارس الأحلام في زمنٍ لا يعرف غير المادة.. يسافر إحدى البلاد الأجنبية؛ مما أسعدَ كل أسرتي حين تقدمه لخطبتي.. وكأي فتاة في مثل جيلي سَعِدتُ بالفستان والفرح والذهب والشقة ذات الأثاث الفخم.. ولكن، ما إن ارتحل- بعد شهر من زواجنا- إلى عمله في تلك الدولة؛ إلّا وطاردتني الوحدة حتى وأنا بين والديه.. وجدتُني أعيش مع أبيه وأمه وفي المساء أصعد الدرج الذي أصبحت نفسي متثاقلة الخُطى وأنا أصعدُ لتلك الشقة للمبيت فقط .. كنتُ وحيدة وحدة تامة؛ حتي رزقني الله بتلك الطفلة التي ملأت علىّ جزءًا من حياتي، ولكني مازلتُ أشعر بالوحدة التي كادت أن تقتلني وتزيد كلما يمر بي العمر،،
شهرٌ واحد كل عام أو عامين هو نصيبي فيه، ثم يرحل إلى البلاد الغريبة التي تأوي الغرباء.. كم ألححتُ عليه أن يأخذني معه؛ ولكن حجته دائمًا أنني لا أريدُ لكِ و لابنتي أن تعيشا في تلك الأجواء المختلفة في الفكر والثقافة..
كم شكوتُ لأهلي!! ولكن كان دائمًا لسان حالهم قائلًا ” محدش عايش في العز اللي انتي عايشة فيه”..
إنَّني حائرة. تائهة. ماذا أفعل هل أعيش وأكن بنظر الجميع راضية بحالي؟! أم أطلب الطلاق وأكن بنظر الجميع رافضة للنعمة؟!
عزيزتي “ن. و” كان الله بالعون..
من المؤكد عزيزتي أنكِ قد سمعتي عن ذلك العالم الشهير ” سيجموند فرويد ” هذا العالم لطالما أوضح نظرية الفروق الفردية.. نعم، عن الفروق الفردية أتحدث.
إن هناك امرأة ترتيب الرجل بحياتها لا يحتل أبدًا الرقم” واحد”، ربما الرقم” أربعة” أو “خمسة”، وما يعنيها بالحياة هو اشتراكها الباهظ الثمن بأحدى النوادي، والماركة العالمية التي تزين ردائها وحقيبتها هي وأولادها والسيارة والأثاث… إلخ .. وهناك امرأة أخرى الرجل يحتل المرتبة الثانية بحياتها، لا تشغلها أمور الحياة كثيرًا، هي تعيشها تحت أي ظروف وتكون سعيدة بذلك وتتكيف مع أي وضع، تربى أولادها وتنتظر مجئ زوجها في أي آن..
وهناك امرأة ترتيب الرجل بحياتها يأخذ الرقم “واحد”، وهذا الشئ ليس بإرادتها، فتلك هي الفروق الفردية التي جبلنا عليها الله تعالى.. إنها إن أوت إلى فراشها ولم تجد زوجها لن تستطيع النوم، وربما أصابها الاكتئاب من كثرة غياب زوجها، إنها من الناحية العاطفية تشعر دائمًا أنها نصف، وتريد نصفها الآخر.
وبالطبع احتكامًا لرأي الدين فقد سُئل أحمد أي ابن حنبل رحمه الله: كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال: يروى ستة أشهر.
وقد ذكر العلماء أنه إذا اتفق الزوجان على سفر الزوج لأي مدة زمنية، ووافقت الزوجة وهي تعيش في مكان آمن، فلا بأس طالما تم الوفاق بينهما..
الآن عزيزتي لا حرج عليكي في شئ، حددِّي، مُن أي نوعٍ من النساء أنتِ؟! فإذا كنتي تستطيعين التحمل وتخدمين أهل زوجك وأنتِ تحتسبين الأجر والثواب عند الله؛ كان بها، وإن خشيتي على نفسكِ الفتنة وشعرتي بالعوذ العاطفي لابد أن تُلِّحي على زوجكِ أن يصطحبكِ معه مثل كثير من الأسر وتوضحي له مدى حاجتكِ إليه مرارًا وتكرارًا؛ فإلم يوافق ، فدينُ الله يسر، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.