صباح الخير

195

بقلم / حسام جمال الدين
الخامسة صباحا ، يطلع الصبح هادئا ساكنا ، صمت يعم المكان إلا من صوت عصافير متقطع ضعيف ، كأنها تعلن أن يومها لم يبدأ بعد،،سحب متفرقة فى سماء ليست بصفائها المعتاد ، يكسو السحب لون رمادى ، وقع أقدام تمضى من حين لآخر معلنا عن بداية اليوم ففى الجوار يقبع ذلك المخبز الذى يبدأ الناس فى التوافد إليه قبيل صلاة الفجر فلاشيء أهم من رغيف الخبز فى حياة البسطاء من أهل قريتنا ، البعض يتوجه نحو الحقول منفردا وقد كنا لزمن ليس بعيدا نرى الفلاحين راكبين دوابهم تمضى الماشية وراءهم ، ينطلقون مع أول ضوء للصبح ولايعودون إلا مع انسحاب آخر ضوء بعد الغروب ،، وقتها كان الهواء نقيا ، يكفيك أن تصلى الفجر ثم تمضى نحو طرق الحقول تملأ قلبك ويدرك ببعض من هذا الصفاء كأنما تولد من جديد ، كنت وراقي نذهب أحيانا بعد الصلاة علي طريق البحر نأخذ حظنا من الهواء النبى ثم نتوجه إلى المحطة ، حيث وجبة إفطار نجتمع حولها عند عم جودة رحمه الله ، يشترى بعضنا الجريدة من عم كامل ثم نعود إدراجها كل إلى منزله، وقد نغير هذا أبعد الصلاة نذهب إلي النادى للعب كرة القدم ، كنا نلعب حفاة فوق أرض الملعب الترابي ، قد نقضى ساعتين أو أكثر قليلا ثم نفترق على وعد بلقاء يجمعنا بعد العصر لمسيرة أخرى على طريق البحر ذلك الطريق الذى لم نمل يوما من السير عليه طوال أيام العام ، ثم اجتماعنا الليلى نتسامر كثيرا وقد أنفرد أنا وصديقاى الأثيرين بالجلوس فى الشرفة التي أجلس فيها الآن نتحدث أو نستمع لأغاني الست ، صديقى كان يسمع الست ليس بأذنيه ، بل كان يسمعها بقلبه تشعر وكأن الكلمات تتغلغل فى قلبه وتتسرب بين شرايينه ، ، كان عليما بكل أغانيها ، تاريخ الأغنية باكامل مؤلفها وملحنها ومتي اذيعت لأول مرة ،ويحفظ كلماتها ويرددها بروحه ، لا أدرى هل توقف هذا الصديق عن تلك العادة كما توقفت انا أم ما زال علي عهده وصديقى الساخر ثالثنا الذى كان يحلو له السخرية من كل شيء ضحكته ما زالت جميلة كما هى وجهه المبتسم مازال كما هو
تفرقنا ولم نعد لتلك الجلسة فى الشرفة أبدا ، أخذتها الحياة وجرفتنا فى طريقها كما تفعل دوما ، نعم تفرقنا ولكن الذكريات مازالت حية نابضة أراها أمامي كأن العمر لم يجاوزها