“صبــــاح الخيـــــر”
بقلم – حسام جمال الدين
وبمناسبة الحديث عن الرسوم التى قررت وزارة التعليم العالى فرضها على الطلاب الراسبين، ستجد أننا كمجتمع نمارس سياسة الثواب والعقاب بشكل خاطئ جدا، ففى أصغر وحدة فى مجتمعنا وهى الأسرة ستجد أن معظم الآباء والأمهات يتعاملون فى الثواب والعقاب بصورة غير منطقية وغير متماشية مع الفطرة التى فطر الله الناس عليها، فنجد أن الابن إذا بذل جهدا وتفوق فالرد الجاهز دوما : “أنت بتعمل لنفسك مش ليا”، والأب حينما يقول ذلك يظن أنه يربى فى ابنه وازع تحمل المسئولية، والاعتماد وغير هذا من الكلام المنمق، وإذا أخفق الابن يتعرض لعقاب نفسى وبدنى قد يؤثر على مسار حياته إلى أن يموت فعلى أقل تقدير سيكون من قبيل عبارت مثل: ” أنا بأكل وأشرب وأجيب وأعمل وأسوى” فى وصلة طويلة من المعايرة بأفضال الأب وفشل هذا الابن فى تقدير تعب أبيه.
من هذه النقطة بالتحديد تولدت فى مجتمعاتنا تلك الصفة الذميمة، والتى كانت سببًا مباشرًا فى كثير من التخلف الذى نعانيه، تلك الصفة أننا لا نعمل ولا ننجز إلا تحت الضغط والتهديد ومعروف سلفًا، أن من يعمل تحت ضغط وتهديد لا يبدع فى عمله مهما بلغ من الإتقان لأنه يعمل خوفا من العقاب فقط بينما هو يعرف أيضا أنه إذا ادى عمله دون تهديد فلن ينال أى مظهر من مظاهر التشجيع أو التحفيز.
إذا نظرنا إلى الدين سنجد أن الثواب دائما يعلو بدرجات على العقاب، ويسبقه فالحسنة بعشرة أمثالها، والسيئة بمثلها، وإن تراجعت عن سيئة قبل فعلها أبدلت حسنة، حتى فى جرائم الحدود التى يصل بعضها إلى القتل حدا، فإن الدين لمن يتأمل لم يجعلها عقابا بقدر ما جعلها ردعا، فعلى سبيل المثال لو زنى احدهم ولم يعرف احد بجرمه ثم تاب وأصلح ألا يغفر له ؟؟.
وهنا الحكمة منح الفرصة لإصلاح الخطأ ولو كان المقصود هو العقاب بالدرجة الأولى لكانت شروط الحد أقل من ذلك بكثير ولكان شاهد واحد يكفى لإقامة الحد فى هذه الجريمة العظيمة.
المقصود أنه لابد أن يكون هناك توازن بين الثواب والعقاب بل يجب أن يكون الثواب والتحفيز أسبق من العقاب فالله – تعالى- فى كتابه الكريم قال : (( يدعوننا رغبا ورهبا )) فقدم الرغبة على الرهبة وقدم الثواب على العقاب.
والأنسان بفظرته ينجز ويبدع فى ظل التحفيز والثواب ، بينما قد يؤدى عمله المطلوب كالآلة إذا كان خائفا من العقاب فقط.
وللحديث بقية إن كان فى العمر بقية