قراءة المشهد الاعلامى
كتب – على امبابى
لاشك فى أن الإعلام اليوم يؤدى دورًا مهمًا في رسم ملامح شخصية المجتمعات، وتظل دائمًا الصورة الانطباعية الاولى في ذهنية الآخر مهما حاول القائمون على صنع الرسالة الاعلامية تغييرها بعد ذلك باختصار “إن الانطباع الأول يدوم » ولهذا تحرص أجهزة الإعلام في الدول المدركة لخطورة هذا المفهوم، وتأثيراته السلبية على تصدير الصورة الأكثر إيجابية، وتتجنب تكوين انطباعات سلبية حتى لا ترسخ في الإطار المرجعي للمتابعين خارج الحدود”.
ولكن بديهيا أنه ليس معنى هذا أن نغض الطرف عن الصور السلبية ونمنع عرض السلبيات، إنما لها مكانها ووسيلة نقلها وجمهورها، حيث إن مناقشة المشكلات ضرورة مهما كانت للبحث عن حلول لها بشرط ان يكون ذلك داخل البيت الواحد .
فاذا تتبعنا القنوات الفضائية لكثير من دول العالم في الغرب والشرق، وفي الدول الديموقراطية والدول ذات النظم الشمولية نلاحظ أن الصورة المنقولة إلى الخارج تركز على الإيجابيات، وحتى إذا تناولت صورًا سلبية بخطاب نقدي فإنه يصب المعروض في دعم فكرة الانطباع الايجابي.
على سبيل المثال، يركز الاعلام التركي الموجه للخارج على الرفاهة الاقتصادية وينقل صورًا للحضارة والتراث والتقدم في كل الميادين، كما لو كانت تركيا جنة الله على الارض، ويتخلل الرسالة الاعلامية خطاب دعائي يحث على زيارة تركيا، وتحرص المسلسلات التركية على إبراز المعالم العمرانية والسياحية.
وفي سياق العرض الدرامي يأتي هذا التجميل المتعمد وهذا حقهم رغم ان تركيا بها صور غاية في السلبية والسوداوية، لكن يتم تنحيتها حرصًا على عدم تكوين صورة انطباعية سيئة عن المجتمع التركي.
وكذلك معظم الأشقاء في دول الخليج يناقشون مشكلاتهم فيما بينهم وما يقدم عبر الفضائيات يروي قصة الحضارة والبناء وكل الانجازات التي تحققت على الارض في هذه الدول حتى تبدو مجتمعاتها كما لو كانت بلا مشكلات نفس المعنى يمكن رصده من خلال التليفزيون الإسرائيلي الموجه للخارج بلغاته عن ديموقراطية وتقدم الدولة العبرية.
هنا في مصر لدينا مشكلة حقيقية في الاعلام الموجه للخارج، وأقصد الرسائل الإعلامية المنقولة عبر الفضائيات لاسيما المملوكة للدولة ، ولنضرب مثالا لذلك ، عندما تعرض قناة فضائيه تحت اى مسمى مشكلة الصرف الصحي في إحدى المناطق غير الحضرية، وهي قناة فضائية تشاهد في كل أنحاء العالم ونقل البرنامج صورًا لحياة غير آدمية ولسان حال خطابه الإعلامي يقول “هذه هي مصر”، حتى ولو كان القائمون على البرنامج يهدفون من عرضهم المشكلة وبنية حسنة توجيه المسئولين للعمل على حلها، وانقاذ المنطقة من التلوث البيئي لكن من يشاهد اللقطات المعروضة خارج مصر سوف تتكون في ذهنيته صورة سلبية عن مصر تشجع بعض ضعاف النفوس من كارهي مصر هنا او هناك استغلال ما يرونه لتجريح صورتنا ونحن الذين نساعدهم في ذلك بحسن نية .
ولم يكن هذا البرنامج او غيره المسئول فقط عن تكوين صورة سلبية عن “ام الدنيا” في ذهنية الاخر انما سبقته افلام ومسلسلات المقاولات والجنس والعنف والعشوائيات والمهرجانات منذ سنوات طويلة، ولست ادري من المسئول عن “تشويه” صورة مصر في الخارج؟